التدخين و الحمل   

 

أثبتت الدراسات العلمية أن تدخين الأم، أو وجودها بكثرة فى أماكن ينتشر بها دخان السجائر يمكن أن يؤثر على الجنين داخل الرحم. فالتدخين مثلا يقلل من النمو الطبيعى لأنسجة الجنين داخل الرحم، و خاصة الرئــة التى يقـل حجمهـا فى جنين الأم المدخنــة بالمقارنـة بجنيـن الأم غيـر المدخنــة. و تقع المسؤليه الأولى على عاتق أطبــاء أمــراض النساء و الولادة فى تعريـف الأمهـات بمخـاطر التدخين أو التعرض لدخان السجائر أثناء فترة الحمل.

و عند التدخين ينتشر بالحجرة غاز أول أكسيد الكربون السام،و تعتمد درجه انتشارة على عدد السجائر المستهلكة و مستوى تهويه المكان. و قد أجريت دراسـة خاصــة لتحديد ألنسبه الآمنــة من غــاز أول أكسيد الكربون المسموح بوجودها فى الأماكن المغلقـة، و التى قد لا تؤثـر بصفـه مباشـره على الأم الحامل، فوجد أنها لا يجب أن تتعدى تسعه أجزاء من هذا الغاز لكل مليون جـزء من الهـواء. و غـاز أول أكسيد الكربون يسهل تسربه من هواء الشهيـق المحمـل به فى الأم المدخنــة ليصـل إلى الدم من خلال انسجه الرئة، و عن طريق الدم ينتقل للجنين حيث يصيبه بضرر بالغ.

 و حتى نــدرك مدى الضـرر الذى يتعـرض له الجنيــن نتيجـة تدخيــن الأم، يكفــى أن تعلــم أن كميــه الأكسجين الطبيعية الموجودة فى أنسجة الجنين أو فى الحبل السرى تقل عن مثيلتها فى دم الطفل بعــد الولادة. و من حكمـه الخــالق عز و جل أن جعــل الجنيــن يتعايش داخل الــرحم مع هذا النقــص الطبيعيى فى الأكسجين دون مشاكل. و لكن الأمر يختلف عندما تدخن الأم، فتظهر مضاعفات التدخين الخطيرة على التدخين فى ظل النقص الطبيعيى للأكسجين الموجود فى أنسجته. كذلك يتميز الجنين بخاصية لا يتمتع بها الطفـل بعد ولادته، إذ خصه الله بنوع معيــن من هيموجلـوبين الـدم له قدرة اكبــر على جمل الأكسجين اللازم لنمو أنسجة الجسم، مما يزيد من قدرة الجنين على التكيف مـع النقــص الطبيعيى للأكسجين. و لكن مع للأسف يعيـب هذا النــوع من الهيموجلوبين أن قابليته للالتحــام بأول أكسيد الكربون تزيد نحو مائتى مرة عن قابليته للالتحام بالأكسجين، و خاصة فى خلايا المخ و الكبد و القلب. و على ذلك فان تعرض الأم لدخان السجـــائر يزيد من معدل أول أكسيد الكـــربون فى دمها، و يتكون مركب الكاربوكسى هيموجلوبين ( هيموجلوبين متحـد مع أول أكسيد الكربون ) الســام و الذى يصاحبه نقص فى كميه الأكسجين اللازمة لنمو انسجه الجنين نموا طبيعيا.  

من ناحية أخرى ثبت أن التدخين يزيد من احتمال حدوث الحمــل خـارج الرحم، إذ يــؤثر النيكـوتين على انقباضات أنابيب فالوب التى تصل المبيض بالرحم، مما قد يؤدى إلى زرع البويضــة المخصبـة فى مكان غير ملائم خارج الرحم.

كذلك لوحظ زيادة نسبه حالات الإجهاض بين المدخنات بالمقارنة بغير المدخنــات بنحــو 10 %. و فضلا عن أن هذا يحمّل الأسرة أعباء ماديه باهظة، فانه يقلل من احتمالات الحمل مرة ثانيه خاصة مع تكرار عمليات التفريغ نتيجه الالتهابات و الالتصاقات التى تصيب أنابيب فالوب.

يؤدى التدخين أيضا إلى زيادة احتمـالات الإصابــة بسرطـان عنق الرحــم. و يعــزو الأطبـــاء هذا إلى أن التدخين يقلل من مناعة الجسم ضد الميكـروبــات و الفيروسات، كما يزيد من تكرار التهابات عنق الرحم مما قد يؤدى فى النهاية إلى تحولها إلى الشكل الســرطانى. كذلك تزيد احتمــالات الإصابة بسرطــان المهبل نتيجة الالتهابات المتكررة التى يتعرض لهـا من جــراء السمـوم التى تفــرز فى بول المدخنــات.

و تؤكد الإحصائيات أن تدخين عشرين سيجــارة يوميا بواسطــة الأم الحامــل يزيد الكاربوكسى هيموجلوبين فى الدم يوميا بنسبه 10 %، كما يقلل من كفــاءة الدورة الدموية فى الجنين بنسبه 60 %. و حيث أن قلب الجنين يعمل أساسا بكامل طاقته لتعويض ظـروف معيشتــه فى ظل نقص طبيعى من الأكسجيــن، فإنه لا يستطيــع أن يتلافى الأثر الضــار للتدخين بزيادة معدل ضربــات قلبه أو زيــادة انقباضــه لدفع دم أكثــر أو زيادة الأكسجيــن بالدم، و ألا تعــرض للإجهاد الشديد التى قد ينتهى بوفـاة الجنين داخل الرحم.   

                                       

                                               

عودة