مقالات علمية ( تدخين التبغ )

مكونات دخان السجائر

مكونات دخان السجائر

عزيزي..يا من تدخن..هل تعرف ما الذي يدخل إلى رئتيك مع كل نفـس من السيجــارة التى تدخنهــا؟ و ما هى المواد التى يحتويها هذا الدخان؟

لو كانت كل مادة تعلن عن نفسها ساعة دخولهــا، أو تترك بطاقتهــا عند الباب لعرفنا بسهولة أسماء الزوار الغرباء الذين يتجمعون جميعاً فى سلة الدخان ويدخلون إلى رئتيك مرة واحدة مع كـــل نفس من أنفاس السيجارة ...

على أية حال قد تكفل العلم الحديث بإعلان أسماء الزوار، وأصدر لهم بطاقات مميــزة وصنفهــم إلى مجموعات وبذلـك أصبح لدينا الآن كشوف أو قوائم بأسماء هؤلأ الزوار الغرباء ذوى الأسماء العجيبة الذين يدخلون جميعاً من باب واحد،هو الباب المفتوح لدخان السيجارة التى تدخنها بين حين وحين..

وقد تعددت هذه الكشوف وتعددت هذه القوائم، ولكن على أية حال فإن المواد المختلفة التى يحتويها دخان السيجارة يمكن أن تُقسم إلى الأقسام التالية:

1-            المواد ذات التركيب البسيط.

2-            المواد الأروماتية البسيطة.

3-            الأحماض.

4-            المواد غير العضوية.

 5-            مادة النكيوتين.

والآن دعنا نتلكم عن كل مجموعة بشئ من التفصيل:

1- المواد ذات التركيب البسيط..

بادئ ذي بدء نقول أن أبسط المواد الموجودة فى دخان السجائر وذلك من ناحيــة تركيبهــا الكيميائي هى تلك المواد الموضحة فى الجدول رقم (( 1 )) حيث يذكر اسم المادة وأمامها الكمية الموجودة مقدرة بالملليجرام لكل سيجارة.(( وللعلم فإن الملليجرام معناه جزء من ألف من الجرام)).

                                            جدول رقم (( 1 ))

وبنظرة عامة إلى هذا الجدول وباستعراض المكونات التى يحتويها، يتضح لنا أن أول ما يجذب النظر فى هذا الجدول هو أن أكبر مكون فى دخان السجائر هو غاز (( الميثان )) وهو الذى يعرف باسم غاز البرك والمستنقعات !

ثم هناك مكونات من مجموعة الهيدروكربونات والتى توجد مثيلاتهــا فى زيت البتــرول.وتوجد هذه الهيدروكربونــات فى دخان السجائر بمعدل واحد ملليجرام فى كل سيجارة..

وإذا كنا جميعاً نعرف "السبرتو الأبيض" الذى يستخدم فى تطهير الجروح وفى تحضير العطور والخمور وفى أغراض أخرى عديدة، فإن الاسم العلمى لهذا "السبرتو الأبيض" هو الكحول الايثيلى وهو يعتبر أحد الكحوليات البسيطة.

وهناك نوع آخر من الكحوليات البسيطة وأبسط فى تركيبه من الكحول الإيثيلى ويطلق عليه اسم ((الكحـول الميثيلى )). هذا الكحول يختلف عن "السبرتو الأبيض" فى أنه مادة سامة ولو استخـدم فى تحضيــر الخمــور لأدى إلى المــوت.

ومن ناحية دخان السجائر فإننا نجد أن هذا الكحــول السام، (( أعنى الكحــول الميثيلى)) يوجد فى دخــان السجــائر بنسبة ضئيلة تتراوح بين جزئين من عشرة إلى تسعة أجزاء من عشرة من الملليجرام فى دخان كل سيجارة (( 0.2 – 0.9 ملليجرام )).

ومن الغريب أن من بين مكونات الدخان مادة الأسيتــون الذى تستخدمه السيــدات والآنســات فى إزالــة طــلاء الأظافر. 

كما أن من بين المكونات مادة (( الأيزوبرين )) بنسبة قد تصــل إلى أربعــة ملليجرامات فى دخــان كل سيجــارة. وهذه المادة هى أحد المكونات الأساسية التى تستخدم فى تحضير المطاط الصناعي!

وهناك أيضا غاز الإثيلين المستخدم صناعياً لتحضير مادة البولى إيثيلين ذات الأهمية فى سوق اللدائن!

ومن بين المكونات البسيطة فى دخان السجائر مواد مثيرة للأغشيـــة المخاطيــة يطلــق عليهـا اسم الألدهيدات ومن أمثلتها مادة الأسيتالدهيد..

كل هذا نجده فى دخان السجائر! وغيره كثير..

ملحوظة :

المكون الأساسى فى قطران السجائر هو بعض المواد من فصيلة الهيدروكربونات عديدة الحلقات مثل:

 أ - مادة البنزبيرين.

ب- مادة داى بنزانثراسين

2- المواد الأروماتية البسيطة:

من المواد التى ثبت وجودها فى دخان السجائر، مـــواد تنتمى إلى نوعيــة يطلق عليها المـــواد الأروماتيــة البسيطة.

ومن أهم هذه المواد نذكر البنزين – الطولوين – الفينول البسيط وفينولات أخرى. ورغم أن الفينولات موجودة فى نسب ضئيلة أقصاها جزء من عشرة من الملليجرام، إلا أن الدور الذى تلعبه الفينــولات دور هــام وبارز نظراً إلى أن بعضهــا له خصائص سرطانية!

3- الأحماض :

وإذا انتقلنا إلى الحديث عن نوعية أخرى من المواد الموجودة فى دخان السجائر، وهى الأحماض فإننا نجــد أن دخــان السجائر يحتوى على أكثر من عشرين من الأحماض العضوية المختلفة ذات الأسماء المتباينة ويضم الجدول رقم (( 2 )) بعضاً من هذه الأحماض حيث يوضح اسم الحامض وأمامه الكمية بالملليجرام لكل سيجارة..

                                              جدول رقم (( 2 ))

وبطبيعة الحال يتضح من الجدول أن الغالبية من الأحماض موجودة بنسب ضئيلة، كما أن أسماء تلك الأحماض قد تكون غريبة على القارىء ولكن ربما تجدر الإشارة هنا إلى أن أكبر نسبة فى هذه المكونات الحامضية  لدخان السجائر هى مادة حمض الخليك الموجودة فى الخل إذ تصل إلى واحد ملليجرام.

ومن الطريف أن نذكر أن هناك نسبة ولو أنها ضئيلة من حمض البيوتيريك وهو أحـد الأحمــاض التى تتكــون فى الزبــدة عندما يصيبها الزنخ كما أن هناك نسبة لا تتعدى 0.3 من الملليجرام لكل سيجارة من مادة "حمض اللاكتيك" الموجودة فى اللبن!

وتجدر الإشارة إلى أن الأحماض إلى جانب الألدهيدات التى ذكرت أسماء بعضها فى جدول رقم ( 1 ) مثل ( فورمالدهيد – أسيتالدهيد – بروبانال – بيوتانال ) لها دلالتها الطبية كمواد تسبب التهيج فى الأغشية المخاطية وينتج عنها السعال الذى غالباً ما يشكو منه المدخن.

4- المواد غير العضوية :

من المواد الهامة الموجودة فى دخان السجائر ما يطلق علية اسم المواد غير العضوية والموضحة فى الجدول رقم (( 3))

                                                 جدول رقم (( 3 ))

وإذا نظرنا إلى هذا الجدول لرأينا أن دخان السجائر يحتوى على كمية وافرة من كــل من غاز أول أكسيد الكربــون وثانى أكسيد الكربون.

إن كمية غاز أول أكسيد الكربون الذى يوجد فى دخان سيجارة واحدة يتراوح مقدراها ما بين اثنى عشر ملليجـراماً إلى خمسين ملليجراماً، وهى كما نرى كمية كبيرة والضرر الناجم عن هذا الغاز السام هوانه يتحد مع هيمــوجلوبيــن الدم مما يقلل من فرصة إتحاد الدم بالأكسجين.

أما غاز ثانى أكسيد الكربون فهو غاز خانق وكميته قد تصــل إلى مائه وسبعين من الملليجرامات فى الدخان الناتج من سيجارة واحدة.

ومن المواد غير العضوية التى تجذب الانتباه بوجه خاص إلى جانب غاز أول أكسيد الكربون نذكر غاز سيانيد الأيدروجين وهو مادة سامة جداً وكذلك ثالث أكسيد الزرنيخ الشديد السمية.

وعموما فإن كمية كل من غاز سيانيد الأيدروجين ومادة ثالث أكسيد الزرنيخ أقل من أن تسبب آثاراً سامة شديدة تدعو إلى الخوف.

كما أن تواجد الزرنيخ فى الدخان يرجع أساساً إلى انتشـــار مبيدات حشــرية زرنيخيــة فى حقول زراعة التبــغ، ولو أن التقارير الأخيرة تقول إن رش النباتات بهذه النوعية من المبيدات التى تحتوى على الزرنيــخ قد توقفت واستبــدلت بها مبيدات أخرى لا تحتوى على الزرنيخ.

ومن المثير للاهتمام أن من بين المواد الموجودة فى الدخان مادة كبريتيد الأيدروجين ذات الرائحة الكريهة والتي تتكون عادة فى البيض الفاسـد، ولو أن نسبة هذه المادة ضئيلة للغاية لا تتعدى جزءاً من عشرة من الملليجــرام فى دخـــان السيجارة...

والآن لنتوقف قليلاً بعد هذا الاستعراض الجزئى لما يحتويه دخـــان السجائر من مواد ومكونات، وبعد أن تعرضنا بالوصف لطبيعة بعض المكونات البسيطة وبعض الأحماض إلى جانب عدد من المواد غير العضوية الموجودة فى دخان السجائر. لنتأمل قليلا فى ما شرحناه:

الحقيقة أننا أمام خليط عجيب غريب من المواد يحوى من بين ما يحــوى غازات وسوائل طيارة يتصف بعضها بالسمية وبعضها له رائحة كريهة، كما أن بها نسبة غير هينة من المواد التى تسبب التهيج للأغشية المخاطية للمدخن ويوجد أيضا بالخليط ذلك الغاز ذو الرائحة غير المقبولة الذى يتصاعد من البرك والمستنقعات غاز الميثان والذى يعرف باسم غاز البــرك والمستنقعــات، ثم هناك ذلك الكحــول السام الذى يسمى الكحول الميثيلى وهو غيـــر "السبرتو الأبيض" الذى تحضر منه الخمور والذى لو شربه متعاطى الخمر لمات من التسمم.

كما أن من بين مكونات ذلك الخليط العجيب مكونات البيوتاجاز وبعض مكونات زيت البترول من طائفة الهيدروكربونات بل أن به مادة سامة اسمها غريب وهى مادة الأيزوبرين التى يحضر منهــا المطــاط الصنــاعى الذى يستخــدم فى صناعة النعال والإطارات!

ومن مكوناته مجموعة من الأحماض العضوية التى تتميز بأنها من أهم مسببــات السعال الذى يشــكو منه المدخــن..

إن هذا الخليط الغريب العجيب الكريه المتشكل فى صــورة دخان يذكــرنا بمقولة للملك جيمــس الأول الذى كان يحكم إنجلترا فى النصف الأول من القرن السابع عشر والذى اشتهر عنه معارضته للتـدخين ومقتــه لهذه العادة التى يبغضها أشد البغض. كتب جيمس الأول ملك إنجلترا يصف عادة التدخين قائلاً: " إن التدخين عادة مؤذيـــة للعين، مثيرة للأنف، ضارة بالعقل خطرة على الرئتين. وما أشبه تلك السحب الســـوداء ذات الرائحـــة الكريهة التى تتصاعـــد أثناء التدخين، بالدخان المتصاعد من الحفر العميقة التى تحرق فيها القاذورات والنفايات.."

5- مادة النيكوتين :                                                                                                                                                                                                                   

الوصف الكيميائى لمادة النيكوتين:

النيكوتين مادة كيميائية معقدة التركيب نوعاً ما وتنتمى إلى مجمــوعة من المركبــات تسمى المركبــات الحلقيــة غير المتجانسة ويضعها الكيميائيون فى فصيلة القاوانيات.

ونحن نعلم أن كل مادة تتكون من جزيئات، كما أن كل جزىء من جزيئـات المادة يتكـــون من ذرات. وإذا نحن نظرنــا إلى جزىء مركب النيكوتين وحاولنا أن نتعرف على الـــذرات التى يتكــون منها لرأينا أنه يحتــوى على ستــة وعشــرين ذرة .

ولكن هل هذه الذرات الستة والعشرون متشابهة جميعها وتنتمى لعنصر واحد فقط أم أنها غير متشابهة أى تنتمى إلى عناصر مختلفة ؟ الواقع أنها تنتمى إلى عناصر ثلاث وتفصيلتها كالتالى:

+ هناك أولاً ذرات من عنصر الكربون وعددها عشر ذرات.

+ ثم هناك ذرات من عنصر الأيدروجين وعددها أربعة عشر ذرة.

+ وأخيراً يضم جزىء النيكوتين أيضاً ذرات من عنصر النيتروجين وعددها ذرتان لاغير..

ونجد أن هذه الذرات الستة والعشرين مرتبة بالنسبة لبعضها البعض ترتيباً معيناً بحيث تعطى فى النهاية شكلاً جزيئياً خاصاً يعرف باسم جزىء النيكوتين.

طبيعة عمل النيكوتين

إن تأثيرات التدخين على الوظائف النفسية يمكن إرجاعه إلى فعل مباشــــر أو غير مباشـــر للنيـكـــوتين على المــراكز العصبية، وبالإضافة إلى ذلك فإن طبيعة هذا الفعل مثله مثل تأثير أى عقار على الجهـــاز العصبـــى المركزى - يتضـــمن تأثيرات ثانوية ترجع إلى ما يحدث من تغييـــرات فى كمية الهرمونات التى تفرز أو دورة تلــك الهرمونـــات داخــل الجسم.

إن النيكوتين مادة شديدة السمية والجرعة القاتلة هى واحد ملليجرام لكل كيلو جرام من وزن الجسم أى أن الشخص الذى يزن مثلاً سبعين كيلو جراماً فإن الجرعة القاتلة من النيكوتين بالنسبة له تكون سبعين ملليجراماً..

ينبغى أن نضع فى الاعتبار أن:

ليس كل كمية النيكوتين التى توجد فى السيجــــارة تدخل إلى جســم الإنسان عندمــا يدخن عن طريق الفم مع تيار الدخان؟

لنأخذ مثلاً:

إن السيجارة التى تزن جراماً أو أكثر قليلاً تحتوى على حوالى 10 ملليجراماً من النيكوتيــن وعند التدخين فإن عشرين فى المائة فقط من هذه الكمية ( أى فى حدود 2 ملليجرام ) تدخل عن طريق الفم مع تيار الدخان الرئيسى للسيجارة بينما ثلاثين فى المائة ينفث فى الهواء من طرف السيجارة المشتعل أى مع تيار الدخــــان الجانبـــى ويبقى 15% فى عقب السيجارة..

وهذا يشكل 65% من الكمية.

أما الكمية الباقية من النيكــــوتين فإن جزيئـــاتها تتكســـر خـــلال عمليـــة التدخين. ومعنى هذا أن 2ملليجرام فقط من النيكوتين هى الكمية التى تدخل عن طريق الفم من المحتوى النيكوتينـــى وذلك عن طريـــق الأغشيـــة المخاطيـــة .

ملحوظة:

إذا كان المدخن معتاداً على أخذ نفس عميق من الدخان أثنـاء التدخــين فإن تسعين فى المـــائة من النيكوتيــن الذى يدخل عن طريق الفم يتم امتصاصه فى الرئتين أما إذا كان المدخن لا يأخذ نفساً عميقاً بل يخرج الدخان مرة أخرى من فمه بعد دخوله فإن الامتصاص هنا يكون بنسبة عشرة فى المائة فقط.!

وهكذا فإن الامتصاص فى الحالة الأخيرة لا يتعدى واحد على عشرة من الامتصاص فى الحالة الأولى وهى الحالة التى يأخذ فيها المدخن نفساً عميقاً من السيجارة ويدور فيها الدخـــان فى رئتيـــه دورة كاملـــة ويخــرج مع الزفيــر من الأنف

عودة