زواج
قصة واقعية قصيرة
ما أن أنهت إلهام دراستها
الجامعية, وحصلت علي درجة البكالوريوس من كلية التجارة بجامعة الزقازيق,
حتي بدأت أسرتها في اختيار عريس ملائم لها من بين من تقدموا لطلب يدها من
شباب القرية والقري المجاورة.
وراعت الاسرة ان يكون العريس من أبناء
الأسر والبيوتات, وأن يعرف للبنت قدرها ويحافظ عليها وأن يكون قادرا علي
فتح بيت وتحمل مسئولية أسرة.
ولأن إلهام كانت علي قدر من الجمال
وتتمتع بالذكاء وخفة الظل ومستقيمة السلوك, فقد تطلعت أسر كثيرة للفوز
بها, خاصة وأن الأب يمتلك أكثر من50 فدانا ورث منها40 عن والده وأمه
واشتري10 أفدنة بالفائض من الإيراد والمصروفات, وأن الأم تمتلك12 فدانا
ورثتها عن أسرتها.
وقد حاول كثيرون التقدم لخطبتها طوال فترة
الدراسة إلا أن الأسرة اعتذرت عن أي ارتباط قبل أن تستكمل الابنة دراستها
الجامعية.
وطوال فترة الدراسة, حاول البعض الاقتراب منها, إلا
أنها كانت قادرة دائما علي وقف من يقترب عند حده.
كانت تعرف أن
الحياة الجامعية, تعني بجانب الدراسة الاشتراك في أنشطة مختلفة, فاختارت
الرحلات والاسهام في الحفلات, وتجنبت تماما الأنشطة الثقافية والرياضية,
فلم يكن بها ميل للقراءة أو ممارسة الرياضة.
ومن خلال الانغماس في
هذه الأنشطة التي استوعبت قدرا من طاقتها وقدرتها علي الحركة وإقبالها علي
الحياة, راقبت أحمد وهو يتابعها عن بعد, ويحاول استغلال الفرص التي
يتيحها اشتراكهما معا في النشاط الاجتماعي لكي يدير معها حوارا
خاصا..
ومرة بعد مرة, تشجع وقال لها, إنه معجب بها, وتمادي
واعترف لها بحبه..
فسألته, وماذا بعد هذا الحب؟
ويبدو أنه فوجئ
بالسؤال, فأجاب متلعثما كل ما في الأمر أنني أحبك..
فأعادت
السؤال, وماذا بعد؟
وكان قد أدرك أنها صعبة, وأن مثل هذه الكلمة لم
تؤثر فيها.. فقال لها, ليس بعد الحب سوي الحب, وليس للحب مقابل إلا
الحب
فقالت, حسنا, وماذا بعد كل ذلك؟
فأجاب وهو نافد الصبر:
إذا كنت تفكرين في الزواج, فإن المشوار مازال طويلا, علينا أن ننتظر إلي
أن نتخرج, ثم نبحث عن عمل, وإذا ما وجدناه, يمكن أن نفكر في الزواج
فسألته, وإلي أن نتخرج, ماذا سنفعل, قال: أحبك وتحبينني, فسألته,
وماذا يعني ذلك؟ قال أن تكوني البنت بتاعتي, وأن أكون الواد
بتاعك
قالت له, لا أريد, بل لا أفكر أن أكون بتاعة حد ولا أن يكون
لي واد بتاعي. ومرة أخري يجد أنه محاصر تماما, وأن إلهام أصعب مما
تصور, بل وأصعب مما يقولون عنها, ولكي يفلت من هذا الموقف قال لها, إذا
كنت تبحثين عن الزواج الآن, فيمكننا أن نتزوج عرفيا, مثلما فعل ويفعل
زملاء لنا.
فقالت ساخرة, معني هذا أنك تريد أن تكون زوجا له حق
المعاشرة, وفي نفس الوقت لا يتحمل مسئولية الزواج والحياة
الزوجية!!
وانتشرت الحكاية, وسألتها زميلات لها, لماذا هذا
الصد؟ ولماذا لا تكونين مرنة وتعيشين الحب فالتجربة في النهاية مفيدة ولا بأس
بها, فقالت لهن عشن الحب كما تردن أما أنا فسأحتفظ بحبي وكنوزي لمن سيكون
زوجي.
وتأكدوا أنها حالة ميئوس منها, وإن ظلت بذكائها وشخصيتها
القوية ومرحها محط إعجاب وأنظار الجميع, بل كثيرا ما لجأ اليها زملاء
وزميلات لاستشارتها في أمورهم الخاصة.
وتبين الجميع أن لها عقلا
راجحا, وأنها أكثر نضجا من عمرها.
ومع ذلك استمر الإلحاح عليها,
وسؤالها, كل هذا التهريج وحب الحياة, ولا تفكرين في مغامرة:؟ أتدخلين
الحياة الزوجية وأنت خام؟
وكانت الابتسامة هي ردها في معظم الأحوال.
وأثناء رحلة إلي الاقصر وأسوان وهي في السنة الثالثة, التقت بعمر الطالب
بالسنة الرابعة, كان وسيما ورياضيا وعاشقا كبيرا وإن كان لايشارك كثيرا في
الانشطة الاجتماعية.
ومنذ بداية الرحلة وهي تسمع عنه وعن
مغامراته, وكان هو يسمع عنها أيضا, وحذره كثيرون من الاقتراب منها, ومع
ذلك كان بداخله قوة تدفعه لاقتحام حصون هذه الفتاة التي استعصت علي الجميع,
وفي نفس الوقت كان يخشي أن تحرجه علنا فيخسر كبرياءه.
وفجأة اقتحم عليها
عالمها, وقال لها: إنه علي استعداد للتخلي عن كل علاقاته, لو قبلت به
صديقا, فردت عليه قائلة, لست في حاجة إلي مزيد من الأصدقاء, فقال,
ولكنني مختلف, فأجابت ولكنني أراك مثلك مثل الجميع, فرد عليها, إنني
أعني إنني مختلف أي إنني علي استعداد للزواج بك إذا قبلت بي
زوجا.
واعترتها الدهشة من هذا العرض المفاجئ, وسرعان ما تمالكت
نفسها وهي تشعر بالدنيا تدور من حولها, فهي تشعر بالفخر, وبالرضا عن
النفس, بل تتيه فخرا لأن هذا الشاب الوسيم الرياضي الذكي ليس علي استعداد
لترك كل صديقاته وحبيباته من أجلها فقط, بل ولأن يتزوجها, وقالت إن
الحديث عن الزواج يجب أن يكون مع أسرتها.
فقال ولكن الأمر يتطلب موافقتك
أولا..فقالت, سأرد علي أسرتي, عندما يسألونني وابتسمت.
ولم
يتوقف عمر عن ملاحقتها, ولم تكن تري أن الأمر يستدعي أن تصده مثلما صدت
الآخرين. ومن خلال الحوار قصير العمر الذي دار بينهما, أخبرها أنه أحضر
والدته إلي الكلية لكي تراها, لأنه كان يعلم أنها سترفض أي عرض للقائها في
أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف قبل أن يذهب إلي أسرتها ويطلب يدها, ثم نظر
في الأرض وهو يخبرها أن أمه طلبت منه أن يقطع علاقته بها, لأنها لن توافق
علي زواجه من بنت ليست علي مستوي جماله ووسامته, فالأنثي يجب أن تكون هي
الأجمل.
وصعقت من منطق الأم, وصعقت أكثر من تخاذل الرجل أمام
أمه, وقبوله للأمر دون أي محاولة للاعتراض علي وجهة نظرها أو حتي
مناقشتها.
وقتلت الفرحة بداخلها, وعرف الألم طريقه
إليها.
وكم لامت نفسها, لأنها سمحت بميلاد الفرحة في أعماقها,
وتعلقت بأمل كالسراب. وأصيبت صورة الرجل في داخلها بشرخ.
والألم الذي
كان كبيرا وشاملا وكاسحا, فقد حدته اسبوعا بعد اسبوع, ويوما بعد يوم,
وفي النهاية تركت التجربة آثارها.
وحاولت إلهام أن تستوعب الموقف,
وأن تتجاوز كل ما جري لكي تتمكن من مواصلة دراستها وحياتها.
والآن
وأسرتها تفاضل بين المتقدمين لخطبتها, وأمام ضغط أمها, كان عليها أن تقرر
إما الرفض والاصطدام بأهلها, أو القبول وفقا لمقتضيات
التقاليد.
وفي الوقت نفسه كانت تري أن الموافقة علي الزواج قد تحمل
في طياتها إعادة اعتبار لمشاعرها التي جرحت نتيجة رفض أم زميلها عمر
لها.
كان لديها ألف مبرر للرفض, فهي أولا مازالت صغيرة وهناك من هن
أكبر منها داخل الاسرة, بل وفي كل القرية وبالتالي فليست هناك عجلة للزواج
الآن, وثانيا لم تجد بعد عملا, وهي تريد مثل هذا العمل لتضع المتقدم لها
أمام الأمر الواقع, خشية أن يكون الرجل الذي ستحمل اسمه من أنصار بقاء
الزوجة في البيت, وثالثا, فإنها لم تبرأ بعد من تجربة عمر, الذي
خذلها.
وهو وإن كان قد خذلها وفجر شلالات من الآلام في داخلها,
إلا أنها تحمد الله علي أنه فعل ذلك, فمع مثل هذه الأم المتسلطة لم تكن
بقادرة علي التعامل معها أو الوصول بقارب الزوجية الي شاطئ الاستقرار,
لأنها ستحرص علي التدخل في كل صغيرة وكبيرة, وعلي إملاء إرادتها, ولن تجد
لها نصيرا في زوجها المطيع لأمه في رضوخ واستسلام مخز.
ورابعا, هي لا
تعرف شيئا عمن سيقع عليه الاختيار, وربما يكون له نفس مواصفات عمر أو ماهو
أسوأ.
وإذا كانت الأسر تسأل وتستفسر عن العريس وأهله, فإن مجرد
معرفة أن الاستفسار من أجل الزواج, يؤدي إلي أن يقتصد الناس في أبداء
المشورة أو إزجاء النصيحة خشية التأثير السلبي علي مشروع الزواج, وبالتالي
فلا يسمع من يسأل عن هذا أو ذاك إلا كل ماهو إيجابي, أي أن التعمية هي
النتيجة.
ولأن أسرتها أسرة طيبة ولا علاقات لها بمن يملكون القدرة علي
جمع المعلومات الدقيقة, فقد كانت علي اقتناع بأن أي معلومات ستقال, لن
تكون إلا بهدف إفساح الطريق أمام إتمام مشروع الزواج.
وكانت تخشي من
خداع المظاهر والمعلومات, وتخشي أكثر من الأداء والسلوك الطيب المرتبط
بالتقدم للخطبة, وخلال فترة الخطبة.
وإذا كانت فترة الخطبة, هي
الفترة المتاحة لكي يعرف كل طرف الآخر عن كثب, فإنها في مصر وفي معظم
الأحوال هي امتداد لفترة الأداء والسلوك الطيب, فلا أحد يكشف عن وجهه
الحقيقي خلال هذه الفترة, وليس هناك من يعلن شيئا يمكن أن يؤثر علي موقف أو
قرار الطرف الآخر.
وكم سمعت عن حالات أخفي فيها الخطيب حقيقة مرضه
عن خطيبته وأهلها, بل وشارك أهل الخطيب في هذا التضليل, وسواء أكان المرض
السكر أو الالتهاب الكبدي الوبائي أو غير ذلك من الأمراض فإن إخفاء المعلومات
عن الطرف الآخر ليس أكثر ولا أقل من جريمة متكاملة الأركان حتي وإن كان الهدف
هو الحرص علي إتمام الزواج.
وبالمثل كم أخفت خطيبة حقيقة مرضها عن
خطيبها, وكم شارك الأهل في مثل هذا الأمر, كانت تسمع عن كل ذلك,
وتتحاكي مع صديقاتها عن هذه الأخطاء, وبالتالي فلم تكن تستبعد أن يتكرر
معها الأمر بصورة أو بأخري.
وحاولت أن تناقش الأمر مع أمها بهدوء,
إلا أن الأم تمسكت بضرورة الزواج السريع, لأنه سترة للبنت وحماية لها,
أما بالنسبة للعمل فهي ليست بحاجة له, ووعدتها بأنها وأبيها سيوفران لها
ماهو أكثر من المرتب الذي يمكن أن تحصل عليه, وتساءلت ولماذا البهدلة
والخروج للعمل إذا كان بيتها أحق بها؟
وسألتها أمها, عما إذا كانت علي
علاقة أو أن هناك زميلا وعد بالتقدم لها, فأجابت بالنفي وأقسمت علي
ذلك.
فقالت أمها, إنها علي يقين من ذلك, ولكنها أمام محاولتها
التملص من الموقف, رأت أن تسألها, وأكدت أنها ستقبل بتأجيل مشروع الزواج
إذا كانت تنتظر انسانا ما.
ومرة أخري أكدت إلهام لأمها, أن حياتها
خالية من مثل هذه العلاقات.
وأخيرا, قالت أمها, إن الزواج نصيب
وقسمة وإنها لن تتزوج إلا ممن كان مكتوبا لها وبما أنها إنسانة مؤمنة بالله
فإنها تدرك أن الأمر لا يخرج عن كونه قسمة ونصيب وقال لها أبوها مثل ذلك,
وهو يري عزوفها عن مشروع الزواج.
وفي النهاية قالت لهما, إنها
أطاعتهما دائما, وستطيعهما الآن فيما سوف يقرراه.
وكانت سعادة
الأب بابنته المطيعة كبيرة, أما الأم فقد دعت لها بالستر وبالذرية
الصالحة.
ووقع اختيار الأهل علي سليمان, شاب من أسرة أكثر ثراء تقيم
بقرية تبعد حوالي10 كيلو مترات من قريتهم, وبعد أن تخرج من كلية
الحقوق, عمل محاميا, ورفض أن يقبل عملا حكوميا, وقد اعدت له أسرته
مكتبا مستقلا بكل من الزقازيق والقرية التي يقيمون بها, بالإضافة إلي مكتب
ثالث بمدينة ههيا القريبة من القرية وقبل الزواج, أوالتفكير فيه, بني
الأب لكل ولد من ولديه فيلا خاصة به قريبة من القصر الذي يقيمون فيه, حتي
يتمكن كل ابن من الاستقلال بحياته.
كانت الظواهر تشير إلي أن كل شئ
علي مايرام فالأسرة طيبة ومن الأسر الكبيرة بالمنطقة,
والعريس ثري وجامعي ويعمل محاميا من ثلاثة مكاتب ويقيم
في فيلا خاصة به بالقرب من القصر الذي تقيم فيه الأسرة,
كما أنه يكبر العروس بنحو5 سنوات, ومقبول شكلا,
وإن كان نحيف الجسم ويقل طوله عن170 سنتيمترا, أي
أنه ليس بالطويل
وإن لم يكن قصيرا
أيضا.
ولم تختلف الاسرتان حول التفاصيل الخاصة بالشبكة والمهر
وقائمة العفش وحفلي كتب الكتاب والزفاف, أما بالنسبة لحفل الخطوبة فقد
آثروا أن يكون احتفالا عائليا محدودا.
ولفت نظر أهل العروس, أن
العريس مصر علي أن تكون فترة الخطوبة قصيرة, بل وقصيرة جدا ولم تسترح إلهام
لهذا الإصرار, كانت تريد فترة طويلة نسبيا لكي تتاح لها فرصة الحوار معه
أثناء وجوده معها بمنزلها, فمن خلال الموضوعات واختيار الكلمات يمكنها أن
تطل عليه من الداخل, فالحديث هو سبيل لفهم المتحدث.
وكان منطقيا أن
يطرح العريس وأهله أسبابا لمثل هذه العجلة, وأن يطرح أهل العروس أسبابا لمد
الفترة, من أهمها أن يكفي الوقت لإعداد الاثاث وتجهيز السكن وكانت أفضل حجة
لأهل العريس, أن بيت الزوجية موجود, والدخل الكافي بل وماهو أكثر من
الكافي موجود, فلماذا الانتظار؟
أما من ناحية الأثاث فإنهم يمكنهم
الانتظار لفترة شهرين أو ثلاثة أشهر علي الأكثر, وتلك فترة كافية للانتهاء
من صناعة كل ماهو مطلوب وشراء باقي الاحتياجات.
وتقرر أن يتم الزفاف بعد
ثلاثة أشهر.
وبعد انتهاء الاحتفال, اصطحب العريس زوجته إلي منزل
الزوجية, علي وعد بشهر عسل في المستقبل القريب.
ولم يكن في هذا الوعد
ما يسعد الهام. نعم كان حفل الزواج رائعا, ولكن شهر العسل هو حلم أي
عروس.
وبعد أن اجتازت مدخل الفيلا, توجهت إلي حجرة النوم, وبدأت في التخفف من ملابس الزفاف,
وعندما نظرت حولها لم تجد زوجها, وبعد قليل دخل وهو يحمل علبة سجائر.
وقنينة كحول وكوبين
وسرعان ما ألقي بملابس الزفاف في كل اتجاه وارتدي
جلبابا أبيض اللون, وطلب منها أن تصحبه إلي الصالون, وهناك جلس وبدأ في
تدخين السجائر, وهي تنظر إليه ثم أوضح لها أن مافي يده سجائر حشيش وطلب
منها أن تشاركه التدخين, فرفضت, فعرض عليها أن تشرب معه كأسا, فقالت له
إنه لم يقل لها إنه يتعاطي المخدرات, أو يشرب الكحول.
فسألها ولماذا
كان عليه أن يخبرها؟ ثم ألا تعرف أن الليالي في الريف طويلة, وأن المخدرات
هي السهر والسمر والمزاج العالي, فاستأذنت وذهبت الي الفراش وهي تعاني من
الغيظ والإحباط
ومع ساعات الصباح الأولي أيقظها وحاول أن يباشرها,
ولكنه فشل, وتعددت المحاولات. وتعدد الفشل. وأطاحت المحاولات بآمالها
وأحلامها, وايقظت مخاوف الأنثي من الفشل وانهيار الحياة
الزوجية.
وعندما حضرت أمها لزيارتها قبل ظهيرة اليوم التالي, ومعها ما
يكفي من الطعام لعروسين في يومهما الأول, وجدتها في حالة غير طيبة,
فسألتها, فأجابت انه الاجهاد. أخفت عن أمها الحقيقة خوفا عليها وعلي
مشاعرها وخشية من الاحساس بالمسئولية بالتسرع في الزواج دون معلومات كافية عن
الزوج, ولم تقتنع الأم, بعدها حاولت الاستفسار عما جري, تخلصت إلهام من
الإجابة وتعللت بالصداع حتي لا تضغط أمها عليها أكثر.
وبدأت وفود
المهنئين, وكل يحمل معه النقوط أو الهدايا, ولم تتنبه إلهام إلي أنه جمع
كل الهدايا ومبالغ النقوط واحتفظ بها. وانصرم النهار, وأتي الليل, ودعت
الله أن يحمل لها في طياته شيئا مختلفا, إلا أن سهرة الحشيش والخمر بدأت,
وفي هذه المرة عندما طلب منها أن تشاركه التدخين والشرب ورفضت صفعها علي
وجهها, وأقسم عليها بالطلاق أنها إن لم تشاركه تدخين الحشيش, فستبيت
ليلتها علي الأرض.
واختارت النوم علي الأرض. ومرة أخري أيقظها في
ساعات الصباح الأولي بعد أن أنهي سهرته, وحاول مباشرتها, ولم تختلف
النتيجة عن الليلة الأولي, وغاصت مشاعرها في وحل الاحباط
والخيبة.
وأثناء وجود أمها, حضرت حماتها وتشاجرت مع ابنتها لأنها
ترفض معاشرة ابنها, فصرخت الهام هذا غير حقيقي, واسألي ابنك, وبصوت عال
صرخت الحماة قائلة ابني لا عيب فيه, والعيب فيك, وقالت ياميلة بخت ابني
وبكت إلهام بحرقة كما لم تبك من قبل, وتوجعت أمها وأن تجنبت الاشتراك في
هذا الشجار, وطلبت من ابنتها الصبر, وعادت وهي تحمل كل هموم الدنيا علي
كتفيها ولا تدري ماذا تفعل؟
وفي الليلة الثالثة أقسم بالطلاق لكي تشاركه
تدخين الحشيش, وحتي لا تصبح مطلقة في ليلتها الثالثة وافقت علي التدخين,
ودخنت أول سيجارة حشيش في حياتها, بل أول سيجارة بصفة عامة.
وخلال
ما مضي من أيام وساعات عرفت أن زوجها مدمن مخدرات, ولا يتوقف عن الشرب,
وتبينت أنه يعاني من برود جنسي, وأن هذا هو سر الفشل المتكرر, وربما كان
هذا وراء ضربها وابعادها عن فراش الزوجية بكل السبل.
وفي الليلة
الثالثة, لم يتوقف عن المحاولة حتي تمكن من فض بكارتها بصعوبة شديدة, وإن
لم يستطع إسعادها أو إرواء عطشها, وتحولت الي سيدة دون أن يشعل شمعتها.
وتوالت الأيام علي نفس المنوال, تعاطي مخدرات ومسكرات وضرب ونوم علي
الأرض, وضغوط عليها لكي تشاركه وفي النهاية قبلت بتعاطي الحشيش باعتباره
حلالا لا يحرمه الدين, ورفضت تماما تناول أي نوع من الخمور, لأنها حرام
شرعا ونصا.
وكان سليمان يقسم عليها بالطلاق لأتفه الأسباب ويحرمها
من النوم في فراش الزوجية ويصر علي أن تنام علي الأرض.
وتنامي لديها الادراك أن مثل هذا الزواج لا يمكن أن يستمر, وأنها لن تقبل مثل هذه
المهانة, وهذه الحياة التي يحاول فرضها عليها, وحتي لو رضيت, فلن يرضي
هو.
وعرفت فيما بعد أنه سبق أن تزوج وفشل وطلق زوجته لنفس
الأسباب.
ولأنها تعيش في قرية العريس وبين أهله فقد كان عليها ان
تلجأ للحيلة, فطلبت منه أن تزور شقيقتها الموجودة بالزقازيق فاشترط عليها
أن يصحبها, ولكن عليها أولا أن تدفع ثمن بنزين السيارة والسجائر التي
سيدخنها طوال الزيارة.
وتلقت صفعة أخري, فلم تكن تعرف أنه بخيل إلي
هذا المدي, أو فلنقل نطعا يطمع فيما تملكه زوجته, واستعادت ما فعله
بالنسبة للنقوط والهدايا الخاصة بها, وتساءلت كيف فاتها أن تدرك
ذلك.
وهناك في منزل أختها طلبت والدها ووالدتها, فحضرا إليها,
ولم تخبرهما بشئ, فقط قالت لزوجها إنها ستصحبهما لزيارتهما وتقضي معهما
ليلة لأنها تفتقدهما, وستعود إليه بعد ذلك, ثم أعطته نقودا لشراء ما
يحتاجه من سجائر وحشيش فقبلها وعاد وحده.
وبعد أن انصرف قصت كل شئ
لوالدها ووالدتها, وأصرت علي الطلاق, طلاق بعد زواج لم يستمر سوي45
يوما.
وبدأ الجميع رحلة التخلص من ثمرة الزواج التي استقرت في
أحشائها.
المصدر:
17 فبراير
2006 عدد رقم 43537 |
|
عودة
|
|