مقالات علمية ( تدخين التبغ )

تفسير التدخين

اختلف العلماء والباحثون كثيرا في تفسير التدخين:

· فمدرسه التحليل النفسي مثلا فسرت التدخين بأنه علامـة تدل على عدم نضــوج الشخصيــة لان طاقة المدخن الغريزية ملتصقة بمنطقة الفم كما يحدث في الطفل الرضيع . فالمدخن محتاج باستمرار إلى وضع شيء في فمه لإشباع الرغبـــات اللذية الكامنة فيه والتدخيــن يعتبــر أحــد هذه الوســائل.

والعجيب في هذا الأمر أن(( فرويد )) مؤسس  مدرســة التحليل النفسي كان مدخنــا شرهــا، إذ كان يدخن 12 سيجاراً في اليوم ولكنه اقلع عنه في سن متأخرة ورأى التحليـــل النفسي لم يثبــت حتى الآن بصورة علمية مقنعة.

·  ويفسر علماء آخرون التدخين بأنه نوع من أنواع الإشراط فممارسة التدخين في البداية تجلب للممارس الثنــاء من رفاقــه وتقبلهم إيــاه والشعور بالرجولة. ويعتبر ذلك كله دعما أو جزاء  يتحمل في سبيلـه المشاعر المزعجة التي يحس بها من يدخن لأول مرة مثل الدوخـة والغثيان وسرعة دقات القلب ويستمر في التدخين ومع مضى الوقت وتمكـــن النيكوتيـن من الجســم تصبح حركــات التدخين والشـــعور بالاسترخاء والتخلص من التوتر الذي يصاحب أو يلي التدخين دعمــا يكثف العادة، ويرتبط بالدعم بعد ذلك مؤثرات مختلفة إذا وجـدت يشعــر المدخــن بالرغبــة في إشعــال السيجارة، كرؤية علب السجائر والإعلانات ورؤية المدخنيـــن الآخرين والطعـام وامتلاء المعــدة وشــرب القهوة...الخ.

·  وعلل فريق أخر من العلماء التدخين بأنه نتيجة عدم ثبـات الجهاز الذاتي للمدخن وميلــه للعصابيـــه.

· ووجد بعضهم أن شخصية مدخن السجـائر انبساطيــة واجتماعيــة بينما يميل مدخــن الغليــون إلى الانطوائية. ولكن لم يثبت حتى الآن بطريقــة قاطعــة وجود علاقــة بين التدخيــن والإصــابة بالأمـراض النفسية برغم وضوح هذه العلاقة في بعض الأعراض النفسية.

·  و ملخص دراسات المتابعة التي أجريت في الولايات المتحدة وأوروبا يشمل العوامل التالية: -

1- أن البيئة تلعب دورا أساسيا في تعلم التدخين في سن مبكرة. فبعض الأطفال يبدأون  بالتدخين من سن 5 سنوات، وأتضح أن30% من البالغين الذين يدخنون بانتظام تعلموا التدخين من سن 9 سنوات، وظهر أن80%  من الأطفال الذين يدخنون بانتظام يستمرون  في التدخين في كبرهم.

وينتشر التدخين بين الأطفال المنتمين إلى الطبقات الاجتماعية المتدنية أكثر من رفاقهم الذين ينتمون إلى طبقات إجتماعية أعلى.

ومن العوامل البيئية التي تؤدى إلى تعلم الشباب التدخين تدخين الوالدين الذي يدفعهــم إلى التقليـد ومصاحبة الرفاق المدخنين التي تشجع الحدث على مجاراتهم رغبة منه في التضامن معهم والشعــور بالانتماء إلى جماعتهم، وقد لوحـظ انخفــاض التدخيـــن بين طــــلاب المدارس التي لا يدخــن نظارهــا ومدرسوها. ومن العوامل الأخرى دخــــول الشباب الجامعة أو المعهد العالي ورغبته في الظهور بمظهر البالغين والربـــط بين النضـــوج والتدخين وتأثير عادات الطبقة الاجتماعيــة التي ينتمي إليها الطفــل أو الحدث.

ملحوظة: يرى أحد الباحثين أن اجتماع أربعة من هذه العوامل يرفع نسبـــة التدخيــــن بين النشء إلى 70%  وهذه العوامل هي: عدد الأقران المدخنيـن وتســـاهل الوالدين وعدم الاكتـــراث أو الخـــوف من الإصابة بسرطان الرئة وأخيرا الرغبة في الظهور بمظهر البالغين.

2- دوافع التدخين التي ذكرها المدخنون من حيث الترتيب هي: العــادة ولذة التدخين والعصبيـة والتوتر والملل. ثم عوامل أخـرى مثل الترويــح عن النفس والتهدئة والرغبة في الإثارة وزيادة التركيــز والقــدرة على أداء العمل.

3- تبين في دراســة أجريت في ألمانيـــا الاتحادية أن من 50-75%  من الذكـــور البالغيـــن يدخنــــون ومعظمهم يدخن السجائر، بينما بلغت نسبة الإناث المدخنات 30-40%  ويدخن الجنود أكثر من الأطباء، كما أن المدخنين في الطبقات المتدنية أكثر من عددهم في الطبقات العليا. ويدخن المهنيون بشراهـة أكثر من غيرهم باستثناء الأطباء. ويميل الموظفون إلى تدخين السجائر ويستبدلونها أحيانا بالسيجار أو الغليون أما الطلبة فيندر بينهم تماما المدخنون المفرطون ولكنهم يفضلون تدخين السجائر عن الغليـون أما الطالبات فنسبه المدخنات بينهن اقل من الطلبة ولكنهن يدخن السجائر ويندر بينهن تدخين الغليون أو السيجار.

4- وقد لاحظ باحثون ألمان وإنجليز وأمريكان أن عدد السجائر التي يستهلكها المدخن تنخفض مع تقدم السن، فالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 55-60 سنة يقلعــون عن التدخيـــن أكثر من الشبــاب، ولاحظ باحث بريطاني أن ضباط وبحارة البحرية الملكية يبدأون في تخفيض عدد السجائر ابتداء من سن 45 سنة. وهذه النتائج لا تدفعنا إلى التفـــاؤل لان عدد الذيــن يقلعون عن التدخيـن تمــاما قليـل، ومن يستمر منهم في الامتناع فقليل أيضا. فقد لوحظ أن 15% فقط من الشباب الذين بدأو بتدخيـن عـــدد قليل من السجائر لم يستمروا في التدخين وان عدد المدخنين الذين اقلعــوا قبل سن65 سنـة 15% أيضا. والنتيجة أن احتمال انتظام  شاب بدأ يدخن في سن مبكرة في الأستمرار في التدخين والإفراط فيه حتى سن الأربعين 70%. ولا يختلف عدد السجائر التي يستهلكها المدخــن في أوقات فراغه عن العدد الذي يستهلكه أثناء العمل. ويفضل المدخنون ممارسه عادتهم وهم برفقـة مدخنيـن آخرين. أما المدخن المفرط فمعدله ثابت ولا يتأثر بالعوامل السابقة وإن كان80% من المدخنين يجمعــون على أن تدخين سيجارة بعد تناول طعام من أهم الأمور بالنسبة لهم. ويدخن الســـائق كمية اكبر من السجــائر أثناء قيادته السيارة.

·  سبق أن ذكرنا انه لا توجد صفات مميزة لشخصية المدخن المنتظم وان كان يميل بصورة عامة إلى عدم الاستقرار النفسي والميل للعصابية وقوة النشاطات الفمية. فكثير من المدخنين يفرط في شرب القهوة والشاي أو الخمر بالإضافة إلى التدخين. وهو يدخن السيجـــارة عندمـا يواجه مواقف عصيبة أو بالأحرى يلجأ إلى النيكوتين الذي هو مهدئ نفسي بالنسبة للمدخن.

وإذا كانت الأسباب النفسية والاجتماعية تلعب الدور الرئيسي في بداية واستتباب عادة التدخين إلا أن تعود الجسم على النيكوتين وإدمانه من أهم العوامل في الاستمرار في التدخين فالمدخن يمر بمراحل مختلفة تبدأ بالتدخين النفسي الأجتماعى الذي ذكـــر في التصنيـــف السـابق ليمضى إلى التدخيــن النفسي الحركي ثم ينتهي إلى التدخين الإدمانى.

عودة