مقالات علمية - الأديان فى مواجهة الإدمان>>

                          الآثار الروحية للإدمان
           لنيافة الحبر الجليل الأنبا موسى
                    أسقف الشباب
قد يظن البعض أن آثار الإدمان معظمها صحية ( جسدية ) أو نفسية أو اجتماعية ... ولكن يجب أن نعلم أن للإدمان آثارًا روحية خطيرة، منها :
1- الإدمان يفسد هيكل الله المقدس:
" إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله ، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو "
( 1 كو 3: 17 ).
هل يعقل أن آخذ أعضاء المسيح وأسلمها للفساد والإدمان ؟
هل يعقل أن نأخذ ذاك الذى نزل المسيح لكى يفتديه ويصلب لأجله وأُدمن ..؟ الجوهرة التى أشتراها السيد المسيح بدمه لكى لا يهلكها ولكى يعيد إليها بريقها..
هل يعقل أن تبيعها بالتراب مفسدًا إياها مع الأردياء؟
وبعد ذلك فماذا ستنتفع ؟ ماذا ستنتفع بعد أن تخسر نفسك وتهلكها، وماذا يساويها بعد من كنوز الدنيا ؟ ...لا شئ
2- الإدمان يتسلط عليك كسيد قاسٍ :
" لا يستطيع أحد أن يعبد سيدين "إن استعباد الإنسان من هذا السيد الدخيل .. القاسي سوف يلقى تلقائيًا تبعاته على ذلك السيد المحب .. الأب الحنون .. فادى البشرية .. لقد تحدث بولس الرسول عن ما يحل لى وما لا يحل لى كابن الله فيقول: " كل الأشياء تحل لي ، لكن ليس كل الأشياء توافق . " ( 1 كو 10: 23 )
" كل الأشياء تحل لي ، لكن لا يتسلط علي شيء . " ( 1 كو 6 : 12 ).
فكيف إذن يسلم الإنسان نفسه لهذا السيد القاسى ثم يستطيع بعد ذلك أن يتبع المسيح بعد أن فقد حريته وإرادته التى منحها له السيد المسيح " إن حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون أحرارًا " ( يو 8 : 36 ).
3- الإدمان ينقل الشباب إلى مجموعة من الخطايا البشعة :
إن انخراط الشباب فى دائرة الخطية يجلب عليه الكثير من الشرور ففي كثير من الأحيان لا يجد المدمن المال الكافى لشراء المخدر .. فماذا يفعل .. سوف يضغط على نفسه مرة ومرات .. ولكنه بإدمانه قد أوقع نفسه تحت سطوة سيد قاس بالضغط عليه إلى أبعد مما يتصور.. فماذا يفعل الشاب إزاء هذه الضغوط سيندفع نحو السرقة ليوفر ما يلزم من المال لشراء المخدر الباهظ الثمن، سيندفع نحو الكذب والمكر والدهاء للوصول إلى أغراضه، سيندفع نحو الجريمة بكل أشكالها بحثًا عن التخلص من مظاهر نقص كمية المخدر فى جسمه .. هذا بالإضافة إلى سلوكياته التى ستتصف بالجبن .. والخوف من العقاب أو من ضبطه متلبساً بتعاطى المخدرات وحيازتها .. أو بسبب رعبه من المستقبل المظلم الذى ينتظره.
4- الإدمان يؤدى إلى الإحساس بالهزيمة والضياع :
ما أبغض وما أقسى على الإنسان أن يشعر بالهزيمة، وما أصعب على الإنسان أن يشعر أنه لا يملك القدرة على التحكم فى حواسه وطاقاته أو حتى جسده .
حقًا أنه صعب جدًا على الإنسان أن يشعر بأنه قد صار فريسة للإحساس بالفشل.
ولأن الإنسان يعرف أن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح، لذلك فمن المتوقع أن يشعر المدمن أن يد الرب قد تخلت عنه وأن الله قد أسلمه إلى " ذهن مرفوض"، ومن هنا يأتي الإحساس بالضياع خاصة وأنه سيواجه بإدمانه الإحساس بالعجز شبه الشامل.. فى عمله ..فى تفكيره .. فى القدرة على التركيز.. فى ذاكرته .. فى جسده الهزيل .. فى الأمور الجنسية . ليت المسيح يرحمنا من هذا الشعور البغيض القاتل والإحساس بصغر النفس.
5- الإدمان يؤدى إلى تأجيل التوبة والهروب منها :
ترى ماذا يدفع الإنسان إلى التوبة ؟ أليس إحساسه بالخطية التى أغضبت إلهه ؟ وعزمه على النهوض والرجوع إلى الله..؟
ولكن إن كانت العزيمة قد خارت وتملكه شعور بالهزيمة والضياع .. فماذا يكون أمامه إلا الهرب من التوبة .. وتأجيلها.
لذلك فإننا نلاحظ أنه من الصعب على المدمن أن يعيش حياة التوبة لعدة أسباب :
- عدم القدرة على مواجهة نفسه ومواجهة الخطية.
- كثرة الخطايا الفرعية وإغراقه فى المشاكل.
- الإحساس بالهزيمة وضعف العزيمة ... بل اليأس المتسلط عليه.
- الارتباط بمجموعة الأشرار شركائه فى السلوك الردئ والتفافهم حوله.
6- الإدمان يفقده ملكوته وإكليله:
وهذا هو نهاية المطاف .. فبعد أن خسر المدمن العالم كله .. خسر نفسه .. بعد أن خسر طاقته وصحته وحواسه وعائلته وأقاربه ومجتمعه ووطنه .. أصبح يواجه الخسارة العظمى التى لا تدانيها خسارة أخرى .. ألا وهى خسارته ملكوته وإكليله.
فماذا قد انتفع .. لقد أسلم نفسه للهلاك والتدمير.
نطلب من المسيح أن يرحمنا ويحمينا من الوقوع فريسة للشر والأشرار.

عودة